الاثنين، 23 مارس 2015

قطرة من حياتي (3) - أمي والرجولة

أمي والرجولة ....
------------
عندما كنت صغيراً ... في المرحلة الابتدائية ... وأركب ترام الاسكندرية لأذهب مع أمي إلى السوق ...
لا أعرف لماذا كنت أصر على أن أتعامل أنا مع الكمساري (محصل التذاكر) ... وأدفع له ثمن التذكرتين ... هل هو إحساس الرجولة الذي بدأت تزرعه في؟ ... لا أدري!!! ...
طبعاً لم أكن أملك نقود ... فكانت تعطيني النقود لأدفع ثمن التذكرتين ... وأستمتع بإحساس طفولي بالرجولة ... أو بالقوامة ... كما عرفتها بعد ذلك ... لكنها في ذلك الحين كانت زائفة .. فليس فيها إنفاق من مالي ..
لا أدري سبب موافقتها .. ولم أسألها .. لكني بعد أن صار لي أبناء .. بذلت جهداً كبيراً أنا و زوجتي .. لنربي فيهم الرجولة والاعتماد على النفس .. خصوصاً بعد تجارب وأخطاء بداية تكوين الأسرة ..
وعرفت إجابة ما لم أسأل أمي فيه من أحد أبنائي ..
قال لي يوما: بابا حضرتك ربتنا عندنا شخصية .. وده صعب عليك .. لكن لازم تتحملنا ..
فعرفت أن الأم والأب .. يكونا في سعادة بالغة عندما يجدا الأبناء قادرين على الاعتماد على أنفسهم بعد الله سبحانه وتعالي
وتقدمت وتنوعت أدوات صناعة الرجولة .. واستراتيجيات بناء الشخصية ..
كانت معي ثمن تذكرة ترام لا تتعدى القرش (الجنية المصري ١٠٠ قرش) .. لكنها أصبحت مع إبني شراء سيارة .. كنت أراها أداة لاستكمال بناء شخصيته ..
فكان يتولى توصيل أمه أحياناً إلى الأماكن التي تريد الذهاب إليها .. وكنت أري جلوسها بجواره في السيارة .. هو بناء للحظة التي ستجلس فيها زوجته في نفس المكان ..
وكانت زوجتي تشعره بذاته .. وهي سعيدة بذلك
وكانوا يصرون على أن يتعاملوا هم مع الحصل (الكاشير) .. رغم أن زوجتي في الغالب هي التي كانت تدفع الفلوس ...
وكانت سعيدة .. مثلما كانت أمي من أكثر من نصف قرن مضى ..
هل هي الجينات .. أم التربية .. أم الإثنان معاً؟!!!
وهل هي أمي؟ .. أم كل أم؟ .. عندما تكون فعلاً ... أُمْ

0 التعليقات:

إرسال تعليق